في يومها الوطني.. كيف طورت الإمارات أدواتها في مجال حقوق الإنسان؟
في يومها الوطني.. كيف طورت الإمارات أدواتها في مجال حقوق الإنسان؟
آمنت دولة الإمارات العربية المتحدة بأهمية الإنسان، واعتبرته وحدة بناء المجتمع وسر نهضته، فاحترمت حقوقه وسنت ما يحفظها من تشريعات وقوانين.
فأنشأت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، واستحدثت وزارة للتسامح والتعايش، وعلى مدار سنين وضعت سياسات وقوانين لحماية حقوق العمال والطفل، والمرأة، وكبار المواطنين، وأصحاب الهمم، والسجناء، كما ساهمت على الصعيدين الإقليمي والدولي في مكافحة ظاهرة الاتجار بالبشر.
كذلك اعتمدت الإمارات على إطلاق مبادرات ومشاريع وطنية طموحة في مجالات متعددة، غايتها تحقيق الرفاهية والعيش الكريم للمواطنين والمقيمين على أراضيها.
فسبقت بذلك كبرى الدول في مجالات عدة وعلى رأسها حقوق الإنسان، لتضرب مثالًا وقدوة لدول العالم كافة.
سنوات عدة من النهوض، ثم جاء عام 2022 لتتوج الإمارات إنجازاتها الحقوقية، وتُشكل نموذجًا تنمويًا فريدا في مجال حقوق الإنسان.
واصلت مسيرة الإنجازات المرتبطة بانتخابها أو فوز كفاءاتها الوطنية برئاسة أو عضوية المؤسسات والهيئات الأممية والدولية، حيث باشرت الإمارات مهامها في عضوية مجلس حقوق الإنسان للفترة 2022 - 2024.
وفي إطار الاحتفال بالعيد الوطني الـ51، تناقش "جسور بوست" نقادا وخبراء، وتستعرض إنجازات ومكتسبات فارقة خلال سنوات، خاصة مرحلتي "التأسيس" و"التمكين"، تحت قيادة صاحب السمو، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة.

الجميع سواسية
أُسست الإمارات على قيم حضارية ترى الناس سواسية كأسنان المشط، فلا أفضلية لمواطن على مهاجر إليها ولا فارق.
وعلى مدار سنوات عدة استطاعت توفير حياة كريمة لمواطنيها، يبرز ذلك مؤخرًا، قرار صاحب السمو رئيس الدولة في عام 2022 بشأن معاملة أبناء المواطنات الإماراتيات المقيمين في الدولة بالمعاملة ذاتها المقررة للمواطنين في قطاعي التعليم والصحة.
وكما أوردت وكالة أنباء الإمارات "وام"، أصدر سموه أيضًا مرسوما بقانون اتحادي بإنشاء "مكتب شؤون المواطنين والمجتمع" في ديوان الرئاسة، ووجه صاحب السمو رئيس الدولة بإعادة هيكلة برنامج دعم ذوي الدخل المحدود ورفع الميزانية من 14 مليار درهم إلى 28 مليار درهم.
بدوره أعلن مجلس الوزراء في عام 2022 عن تغيير هيكلي رئيسي في المنظومة التعليمية ووجه بمراجعة شاملة وتحديث للسياسات والتشريعات للقطاع التعليمي.
واعتمد المجلس نظام التأمين ضد التعطل عن العمل، ورفع مستهدفات التوطين في الوظائف المهارية في القطاع الخاص وصولا لـ10 في المئة في عام 2026، وإجازة التفرغ للمواطنين العاملين في الحكومة الراغبين في إدارة أعمالهم الحرة.
كما اعتمد المجلس سياسة جديدة لقروض الإسكان الاتحادي، وإنشاء مجلس الإمارات للعمل البيئي، وإنشاء اللجنة الوطنية للصحة العامة.
حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين
يقاس تحضر الأمم باحترامهم للنساء وإعطائهن حقوقهن من عدمه، وقد أولت دولة الإمارات للمرأة رعاية خاصة.
فعملت على تحديث الاستراتيجية الوطنية لتقدم المرأة للأعوام 2013-2017، وتمثل الاستراتيجية خريطة الطريق من أجل تمكين المرأة في 8 قطاعات رئيسية، هي: التعليم والصحة والاقتصاد والتشريع والبيئة والمجال الاجتماعي والإعلام والمشاركة السياسية واتخاذ القرار، وتأخذ الاستراتيجية بعين الاعتبار المؤشرات والمعايير التي تضمنتها الاتفاقيات التي صادقت عليها الدولة، مثل مكافحة أشكال التمييز ضد المرأة، ونتائج مؤتمر بكين والأهداف الإنمائية للألفية.
كذلك أولت دولة الإمارات الاهتمام بتمكين المرأة، وكفلت مكانتها اللائقة في المجتمع، مؤكدة في تشريعاتها مبدأ المساواة في الحقوق المدنية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية بينها والرجل، وحملت الفترة من عام 2008 إلى 2013 تغييرات إيجابية كبيرة لصالح المرأة.
وتشير الإحصائيات إلى ارتفاع نسبة تمثيل المرأة في التشكيل الوزاري في فبراير 2008 من مقعدين إلى 4 مقاعد، ما يعد من أعلى النسب على مستوى المنطقة، وتبلغ مشاركة المرأة في التعليم العالي 95 في المئة للطالبات، و80% للطلاب، وذلك من خريجي الثانوية العامة، وتشكل النساء 70% من مجموع خريجي الجامعات في الدولة، ويعتبر ذلك من أعلى النسب عالمياً، بالإضافة إلى دخولها سلك القضاء والنيابة والشرطة، وكذلك السلك الدبلوماسي والقنصلي.
ولتمكين المرأة، أصدر مجلس الوزراء في ديسمبر 2012 قراره بشأن إلزامية مشاركة المرأة الإماراتية في عضوية مجالس إدارات الهيئات والشركات والمؤسسات الاتحادية، وذلك بغرض تعزيز مشاركتها في هذه القطاعات، حيث تشغل المرأة نسبة 66% من وظائف القطاع الحكومي، من بينها 30% من الوظائف القيادية العليا المرتبطة باتخاذ القرار.

واهتمت كذلك بالرعاية الصحية للمرأة، حيث انخفض عدد وفيات النساء أثناء الحمل أو الولادة، وكذلك معدل وفيات الرضع في الإمارات، إلى النصف في غضون السنوات الـ25 الماضية.
إذ إن معدل وفيات الأمهات في الإمارات هو الأدنى في المنطقة، ويعد أحد أدنى المعدلات في العالم، وذلك وفقاً لإحصاءات منظمة الصحة العالمية لعام 2015.
ووصل عدد وفيات الأمهات في دولة الإمارات إلى 8 من بين كل 100 ألف حالة ولادة حية، وذلك على نحو منخفض من معدل الـ16 حالة التي سجلها عام 1990.
وانخفضت نسبة وفيات الأطفال الرضع من 14 حالة من بين 1000 ولادة حية في عام 1990 إلى 7 حالات لكل 1000 حالة ولادة في عام 2013، وانخفض معدل الوفيات لدى من تقل أعمارهم عن 5 أعوام إلى أكثر من النصف أي من 17 حالة لكل 1000 ولادة حية في عام 1990 إلى 8 حالات وفاة لكل 1000.
مكافحة الاتجار بالبشر
ومن حقوق المرأة إلى حماية المجتمع حيث أخذت الإمارات العربية المتحدة على عاتقها مكافحة الاتجار بالبشر، بعدما أصبحت طرفًا رئيسيًا في الحملة العالمية لمكافحته، وكانت أول دولة في المنطقة تقوم بسن قانون شامل لمواجهته، وهو القانون الاتحادي رقم 51 لسنة 2006، وفي عام 2013 تم تعديل القانون ليتسق مع بروتوكول الأمم المتحدة الخاص بمنع وقمع ومعاقبة الاتجار بالأشخاص، وبخاصة النساء والأطفال.
وقد نفذت اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر إستراتيجية تتمحور حول 5 ركائز لمكافحة خطره، وهي الوقاية والملاحقة والعقاب والحماية وتعزيز التعاون الدولي.
تعزيز حقوق العمال
وامتداد لنهجها المعني بالإنسان شهد عام 2022 إحدى أكبر وأشمل عمليات التحديث والتطوير على المنظومة التشريعية والتنظيمية المعنية بحقوق العمال في دولة الإمارات.
فتم إصدار العديد من التشريعات بين مراسيم بقوانين وقرارات وزارية من أبرزها المرسوم بقانون اتحادي رقم 9 لسنة 2022 بشأن عمال الخدمة المساعدة، والمرسوم بقانون اتحادي رقم 13 لسنة 2022 بشأن التأمين ضد التعطل عن العمل، وقرارات مجلس الوزراء بشأن إصابات العمل وأمراض المهنة، والصحة والسلامة المهنية والسكنات العمالية، وحماية الأجور، وتنظيم إجراءات تفتيش العمل، وإنشاء لجنة منازعات العمل الجماعية، وتنظيم إجراءات المنازعات والشكاوى العمالية.
وبدأت الإمارات اعتبارا من 3 أكتوبر الماضي تطبيق منظومة تأشيرة محدثة، مثلت نقلة نوعية في مجال دخول وإقامة الأجانب على مستوى المنطقة والعالم.
ووفقًا لـ"وام"، فقد تضمنت المنظومة أنواعا جديدة من الإقامات بمزايا وتسهيلات كبيرة، ومن أبرزها الإقامة الخضراء التي تشمل 3 أنواع من الفئات أو الإقامات، وتأشيرة استكشاف فرص العمل وتأشيرة لاستكشاف الفرص الاستثمارية وفرص الأعمال لاستقطاب المستثمرين بدون ضامن أو مستضيف داخل الدولة، كما وفرت المنظومة المحدثة للتأشيرات مزايا جديدة للإقامة الذهبية ومزايا جديدة لإقامة أفراد الأسرة، كما أتاحت المنظومة المحدثة تأشيرات دخول للدولة لأغراض وخيارات جديدة ومتعددة للراغبين في زيارة الدولة بمدد زيارة مرنة وقابلة للتمديد وتصل إلى عام، وبدون اشتراط ضامن أو مستضيف في الدولة.
الصحافة حرة
من أفضل ما يمكن أن يتمتع به مجتمع، ألّا يسجن فيه صحفي ولا يُكسر فيه قلم، وقد أخذت دولة الإمارات على عاتقها حماية الصحفيين.
وكما نشرت الصحافة حينها، أصدر نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء، وحاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، توجيهاته إلى الجهات المعنية بعدم سجن أي صحفي بسبب عمله، مع اتخاذ إجراءات أخرى في حق الصحفي الذي يرتكب مخالفة، ليس من بينها السجن.
حق الصحة
وتؤمن دولة الإمارات أن العقل السليم في الجسم السليم، ولا سبيل لبناء شخصية إماراتية وعقلية فذة إلا بالاهتمام بصحتها ورعايتها.
وفي تأكيد على ريادته العالمية، ووفقًا لـ"وام"، حقق القطاع الصحي في الإمارات المركز الأول عالميا في عدد الجوائز المقدمة من الاتحاد الدولي للمستشفيات، بعد أن حصل على 11 جائزة، بما يعادل 37.9% من جوائز الاتحاد الدولي للمستشفيات، التي بلغت 29 جائزة متنوعة موزعة على 7 فئات رئيسية، في كل جائزة، 3 فئات، هي: الذهبية والفضية والبرونزية.
حق الإنسان في بيئة مناخية صحية
برز دور الإمارات في مواجهة التغيرات المناخية على اعتبار أنها جزء وحق أصيل من حقوق الإنسان، سالكة كافة السبل لتحقيق العدالة المناخية.
وخلال عام 2022 شاركت الإمارات في أهم الأحداث والفعاليات الدولية، وفي مقدمتها مؤتمر الدول الأطراف باتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ (COP27) الذي عقد في شرم الشيخ خلال الفترة من 6 إلى 18 نوفمبر الجاري.
وشاركت دولة الإمارات في قمة مجموعة العشرين في بالي بإندونيسيا، التي عقدت في الفترة من 15 إلى 16 نوفمبر الجاري تحت شعار: "التعافي معاً.. التعافي بشكل أقوى"، من خلال وفد رفيع المستوى من أصحاب المعالي الوزراء.

وسجلت الإمارات حضورا مميزا في أعمال الدورة الـ77 للجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الفترة من 20 إلى 26 سبتمبر الماضي في نيويورك، وشاركت دولة الإمارات في القمة الفرانكوفونية الثامنة عشرة التي استضافتها جزيرة جربة التونسية يومي 19 و20 نوفمبر الماضي.
قدوة عربية
قال الكاتب والإعلامي السعودي، فاروق الشعيبي، إن ما تفعله دولة الإمارات في كافة المجالات وعلى رأسها حقوق الإنسان، يضعها في مصاف الأمم ويجعلها قدوة للعالم بشكل عام وللعرب بشكل خاص، ومن النبل استهداف سعادة الإنسان "المواطن والمقيم" وكل ما يصب في مصلحته، وتبذل حكومة الإمارات جهودًا مضنية لتحقيق ذلك، وكل عام يفاجئونا بالجديد، منها منح إقامة ذهبية لعدة فئات من الفنانين والأطباء، وهي أمور سبقت فيها الإمارات كثير من الدول في خدمة الإنسان وتطوير الدولة، وتجب الإشادة بالتشريعات والقوانين والأنظمة الداخلية.

وأشار الكاتب السعودي في تصريحات خاصة لـ“جسور بوست”، إلى أن تلك الإنجازات تعود على المواطن الإماراتي بشكل إيجابي وعيًا وتثقيفًا وعلمًا وإنتاجًا، كذلك استقطاب المواهب للإمارات ومنحهم الإقامة الذهبية يدعم الحركة الثقافية والعلمية والإعلامية وكل المجالات، بل ويساهم في عمل حراك قوي تستفيد منه الدولة.
وتوقع الشعيبي للإمارات بسبب تطورها، تفوقها عالميًا بشكل يفخر به كل عربي، مؤكدا على أن الإمارات قدوة عربية، والسعودية على وشك اللحاق بها، وكذلك قطر بعد تنظيمها كأس العالم 2022.
إشادة مصرية
أشاد أستاذ القانون الدولي كمال يونس، بأداء الإمارات العربية المتحدة بالجانب الحقوقي، وبأنها فخر العرب التي تطورت وطورت نفسها بشكل غير مسبوق جعلها الأولى عربيًا وعالميًا في مجالات كثيرة ومنها حقوق الإنسان.
وأضاف أستاذ القانون، أن ذلك لم يكن وليد اللحظة، ولكن بدأ هذا التطور منذ السبعينيات، ولم تتوانَ في أخذ كل ما هو جديد على مستوى العالم، فتفوقت على من كنا ننظر إليهم نظرة إعجاب، وذلك في حقوق المرأة والطفل ومحاربة الاتجار بالبشر.
وأضاف: لقد كنت المحامي المكلف بالدفاع عن مقتل الفنانة سوزان تميم، وقلت حينها إن تلك القضية لم تكن لتنتهي بنهاية عادلة لو كان الجاني في دولة أخرى غير الإمارات، لقد أمدنا جهاز الشرطة الإماراتي بجميع الأدلة صوتًا وصورة، بالمقارنة قتلت سعاد حسني في لندن وإلى الآن لا نعرف من قتلها وإذا كانت قتلت أم انتحرت.

وتابع، تطورت الإمارات في الجهاز الشرطي والقضائي من حيث سرعة إنجاز الأحكام والعدالة والبت في القضايا، والأجهزة الحديثة المستخدمة، وكذلك حقوق المرأة وتوليها أعلى المناصب المختلفة عن معظم دول الخليج.
على خارطة الطريق
وعلق الكاتب والأديب وأحد المهتمين بمجال حقوق الإنسان، الإماراتي ناصر البكر الزعابي بقوله، إن ما يميز دولة الإمارات هو شغفها البارز في رسم خريطة طريق حقوقية تحمي بها المواطنين، خاصة وأن الإمارات دولة تجمع جنسيات مختلفة، لذا عملت على سن قوانين تنظم أمور حياتهم وأعمالهم بشكل إنساني لا يخالف مواثيق الأمم المتحدة لحقوق الإنسان، بل على العكس يدعمها ويناصرها.
وفي تصريحات خاصة لـ"جسور بوست" أكد ناصر أن الدين الإسلامي يحض على احترام الإنسان وفعل كل ما من شأنه إعلاء قيمته، وهو ما يسعى جاهدًا إلى تنفيذه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة حفظه الله.

وأضاف، اهتمت الإمارات بالمرأة والطفل وأصحاب الإعاقة، ولم تهمل المواطن العادي، فوفرت كل ما يضمن له حياة كريمة، من سكن جيد ومأكل وصحة وتعليم، ففي قطاع الإسكان الحكومي في الدولة، أقر صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، "برنامج الشيخ زايد للإسكان"، بمبلغ 2.3 مليار درهم، في إطار حرص سموّه على تعزيز الاستقرار الأسري للمواطنين، وتوفير الحياة الكريمة، وتحقيق سعادتهم لتبقى الإمارات دائما حاضرة وفاعلة وحاضنة لحقوق الإنسان، فتحية لها في يومها الوطني.